التعلم الالكتروني هو إحدى تجليات التكنولوجيا و ترجمة عملية للمد التقني الذي أسس حضارة الحداثة. و الذي نسف بزحفه ما يسمى التعليم المُعلّب الذي يعتمد في أساسه على التلقين و قُولبت الجميع في قالب واحد. مع عدم بخس التعليم التقليدي حقه فهو شكل بطبيعة الحال جسراً لما نحن عليه اليوم. إلا أننا لا نبالغ إذا ما قلنا أن العملية التعليمة و المنهج التربوي القديم قد يغبن القدرات ، و يُقزّم الطاقات المخزونة في بعض العقول. و بمقارنة بسيطة بين الدول المتقدمة التي تشجع و تغذي كل تفرعات التعلم الالكتروني ، مع أقرانها من الدول النامية التي تصر على الشكل القديم نجد بما لا يدع مجال للشك أن للتعليم الإلكتروني فضلاً كبيراً في إحداث نهضة و تسارع فكري. و لأهمية هذا الشكل التنويري من التعليم سنُعمل هذا المقال في الحديث عن ماهية التعلم الالكتروني و ميزاته و امتيازاته و سنعطي أمثلة عن أنواعه.
نبذة عن التعلم الالكتروني
يعرف التعلم الالكتروني على أنه شكل هجين من التعليم. يقوم على اشراك التكنولوجيا في صلب العملية التعليمة من خلال الحواسيب و الهواتف المحمولة و شبكة الانترنت. و غيرها من الوسائل التي ليست بوارد تجميل العملية التعليمة و إنما إنضاجها و اكمالها و إثرائها. حيث أن عملية الدمج هذه تجذب الطلاب لقدرتها على تبسيط المفاهيم المعقدة من خلال الفيديوهات و الصور و غيرها من التقنيات المتطورة التي تجند لصالح الطلاب و الصف الدراسي. فضلاً عن تسهيل عملية جمع المعلومات و عرضها بالاستعانة بالإنترنت ، و الذي أصبح بطبيعة الحال العمود الفقري للتعلم الإلكتروني.
أضف إلى ذلك أن التعلم الالكتروني يعزز و يغذي التوجه القائم على أهمية التعلم الذاتي بوصفه أسرع أداة ترقى بمستوى الطالب و ذلك لكونه هو من يوجه دفة الأمر هنا و يشبع ما يستهويه. علاوةً على القدرة على التحصيل العلمي في أي وقت ، فهنا لا يوجد ضائع أو فاقد علمي و إنما كل شيء مخزون. هذا و تتسع رقعة التعلم الالكتروني عن الدمج بين الألة و الكلمة و عن التعلم الذاتي لتشمل أيضاً التعلم عن بعد. و الذي تحسسنا أهميته بشكل كبير في الفترة التي اجتاحت كورونا العالم لتُعطل و تُعرقل العملية التعليمة المباشرة. ليشرئب عن هذه الفترة أحد انعكاسات التعلم الإلكتروني و هو التعلم عن بعد و الذي شكل جسراً و صلة وصل بين المعلم و المتعلم و كان بمثابة قارب أنقذ الفاقد العلمي من الغرق.
ميزات التعلم الالكتروني
نستشف مما تقدم أن للتعلم الالكتروني الكثير من المميزات التي تستقطب الجميع. و تبعده عن كونه أحد أشكال الرفاهيات ليصبح من الضروريات المجتمعية. و من هذه المميزات نذكر:
1.التوفير
حيث يعمل التعلم الالكتروني على توفير الوقت و المال. و ذلك من خلال عدم إضاعة الوقت في الطرقات التي تقترض جزءاً كبيراً من وقتنا. عوضاً عن ذلك نستطيع أن نستغل ذلك الوقت و نستثمره بالشكل الأصح إذا ما اتبعنا التعلم الالكتروني. و أضف إلى ذلك أيضاً و بشكل مشابه أن التعليم التقليدي بما يقتضيه من تكاليف على شكل صفوف و أماكن للتدريس و ما شابه. فإن الإلكتروني يوفر ذلك على المتعلمين الذين يستطيعون أن يحضروا الدروس و يؤدون الوظائف من بيوتهم
2. أكثر فاعلية
حيث أن التعلم الالكتروني أكثر فاعلية على صعيد ترويض كل الأفكار و المفاهيم المعقدة. من خلال تسخير كل ما يملك من أداوت تقنية و برامج و حواسيب و مقاطع فيديو و أداوت عرض لخدمة و حل عقد النظريات و الأفكار المعقدة. و بالتالي جعل التعليم أكثر فهماً و جاذبية ، و بالتالي الطالب أكثر تبصراً و عقلانية
3. الاستمرار و الثبات
و ذلك لكون التعليم التقليدي الذي يقوم على أساس التلقين من قبل المعلم عرضة للتقلبات نتيجة اعتماديته المطلقة على المُلقّن. و هذا الأخير عرضة للتذبذب و عدم ثبات النسق. في حين نجد أن التعليم الالكتروني أكثر ديمومة و خصوبة
4. لا جغرافيا له
و ذلك بمعنى أن التعلم الالكتروني القائم على ركبتين هما الأجهزة الذكية و شبكة الانترنت. يمكن له أن يصل إلى عدد غير محدود من البشر ، و بالتالي مدى مجدي أطول فضلاً عن توفير المصاريف
5. يميل كما يميل المتعلمين
و ذلك لكون التعلم الالكتروني و الذاتي لا يعتمد على منهاج واحد. حيث أن عباءته فضفاضة تفيء كل التخصصات و التوجهات ، و بالتالي هذا يسمح للمتعلمين أن يختاروا ما يرغبون و يفضلون أن يتعلموه.
6. التعلم الذاتي
حيث يمكن لأي شخص متى يشاء و أينما يشاء أن يصل إلى ما يشاء من دروس وكورسات و دورات تدريبية بجميع المجالات و التخصصات
7. أكثر سرعة و تسارع
و ذلك نتيجة طبيعية لعدم إلزام الطلاب و الأشخاص من أتباع التعلم الالكتروني على التدرج في المواد المشاهد الشكل التقليدي للتعليم. حيث هنا يستطيع الأشخاص تجاوز المعلومات و المفاهيم التي يعرفون. و يباشرون بشكل مباشر بالهدف الأساسي من الصف الدراسي أو الكورس. لذلك فقد شهدت التجارب و الدراسات أن التعلم الالكتروني أسرع بما نسبته 50 % نت الشكل الكلاسيكي.
8. التحديث الدوري
يمكن للقائمين على التعلم الالكتروني أن يعملون على تحديثه. بشكل سريع و ببساطة من خلال تحميل كل ما هو جديد على شبكة الانترنت
9. لا يشترط استخدام كتب مدرسية
و ذلك نتيجة اعتماده بشكل كبير على التقنيات التعليمة المتقدمة من صور و فيديوهات و أساليب عرض تخدم سيرورة العلمية الدراسية.
أنواع التعلم الالكتروني و أمثلة عنه
لا يقتصر التعلم الالكتروني على نوع واحد ، حيث يخرج عنه الكثير من التفرعات. و التي تختلف عن بعضها باختلاف الأنشطة التي تصبغه و الهف المرجو تحقيقه من خلاله. و فيما يلي سنعمل على ذكر أنواع التعليم الإلكتروني مع إرفاق كل نوع بمثال :
1. التعلم الالكتروني الغير متزامن
لا يشترط في هذا النوع من التعليم الإلكتروني أن يقام نصاب دورة معينة أو فصل دراسي بتزامن مع تجاوز الطالب لبعض الفصول الدراسية. كما أنه لا يقيد وجود كلاً من الطالب و المعلم معاً أونلاين. بل يعمل التعليم الإلكتروني الغير متزامن على طرح دروسه ضمن منهج كامل دفعة واحد مع الواجبات التي تردف كل حصة درسية. ليترك للطالب الخيار بكيفية اجتياز هذه الدروس ضمن جدول زمني هو يضعه. و يتم عادةً اجراء مناقشات لتداول الأفكار و الدروس في هذا النوع من التعلم الالكتروني ضمن منتديات و غرف دردشة ، و بالتالي لا يوجد وقت جبري للاجتماع أو الدرس. يعتبر هذا النوع من التعليم مناسب لأولئك الذين لا يتحكمون بوقتهم بشكل مطلق
2. التعلم الالكتروني المتزامن
بخلاف النوع السابق يعتمد هذا النوع من التعليم الالكتروني على التواصل المباشر بين الطالب و المعلم عن طريق الحاسوب و الأجهزة الذكية. و يتم التفاعل فيه من قبل الأشخاص المشتركون من خلال التخاطب النصي و التخاطر الصوتي و الفيديوهات. يتيح مثل هذا النوع من التعليم الإلكتروني جمع شتات العديد من الطلاب في أماكن متفرقة من العالم حول طاولة كورس تدريبيي استقطبهم
3. التعلم الالكتروني المدمج
يعمل هذا التفرع من التعلم الإلكتروني على الدمج و الخلط و توطيد أواصر القربى بين التعليم التقليدي بشكله المعروف و الذي يتم ضمن صفوف دراسية في المدارس و المعاهد و الجامعات ، و بالاستعانة بطبيعة الحال بمفرزات التكنولوجيا. مع التعلم الإلكتروني من المنزل بالاستعانة بشبكة الانترنت و الأقراص المدمجة و المحاضرات الرقمية. بحيث يصبح من غير اللازم الارتياد إلى مكان الدرس يومياً. و إنما يصار إلى متابعة مجريات الدروس من البيت مع تحديد بعض الأوقات للاجتماع الشخصي بين الأفراد نظراً لخصوصية الدرس الذي يقتضي التواجد الشخصي
4. التعلم الالكتروني عن بعد
يشرح العنوان نفسه بنفسه حيث يقوم مبدأ هذا النوع من التعلم الإلكتروني على بث و رفع دروس و دورات و محاضرات إلى شبكة الانترنت. ليصار إلى حضورها من قبل الطلاب عندما يثنى لهم ذلك. الجدير بذكر أن هذا النوع من التعليم أول ما ابتدع انطلق على شكل مدونات صوتية. و قد لاقى نجاعة كبيرة و استحسان و رواج في ظل جائحة كورونا و الحجر الصحي.
5. التعلم الالكتروني التكيفي
هو إحدى قفزات و طفرات التعلم الالكتروني و الذي تم فيه اشراك الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمة. بحيث يتم استشعار و تحسس و تحديد مكامن قوة و ضعف كل طالب على حدى ، ليتم على إثره ترويض و تطوير و تحوير المنهج التعليمي المقدم ليتناسب و يتماشى مع كل طالب على حدى. و من ثم يتم تطوير المنهج و يرتقى بمستواه تماشياً و تزامناً مع تطوير الطالب. و قد كان لهذا النوع الأثر الكبير و الجلي في جعل التعليم أكثر تخصصاً و دقة
6. التعلم الالكتروني التفاعلي
هذا النوع من التعلم الالكتروني يتيح للطالب و المعلم على تشارك في إلقاء و تلقي المعلومات و يخرج الطالب من بوتقة التلقي فقط. حيث ينشأ جسر تواصل بين المتعلمين من خلال أدوات تقنية كالصور و الفيديوهات و أجهزة الاسقاط و التحكم بها من خلال الأجهزة الذكية.
أهم منصات التعلم الالكتروني
توجد الكثير من المواقع التي تقدم التعليم بالصيغة الحديثة. و هي مواقع معتبرة و على درجة عالية من الكفاءة تعمل على تدريس العديد من المجالات. هذا و تقوم هذه المواقع بمنح شهادات تحصيل علمي للمتقدمين الذين اجتازوا الصف الدراسي. و من هذه المواقع نذكر:
في الختام نؤكد أن التعلم الالكتروني أثبت كفاءته و ضرورته و قد رجحت كفته على أشكال التعليم التقليدية. مما جعله مقصد و محج لمعظم الجهات التدريسية التي تريد أن تنهض بالواقع التعليمي ناهيك عن الأشخاص الذين يعتبرون التعليم الإلكتروني و خاصةً الذاتي فرصة كبيرة لإثراء و صقل مهارتهم و عقولهم
اقرأ أيضاً:
أهمية الذكاء الاصطناعي في المجالات والقطاعات المختلفة
أفضل مواصفات لابتوب للطلاب (لابتوبات للدراسة والتعلم عن بعد)